الخميس، 14 مايو 2009

رحلة البحث عن هدف


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجميعن سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه وسار على نهجه إلى يوم الدين .. ثم أما بعد فهذه مقالة كتبتها .. وددت لو تشاركوني أفكاري وتقدموا لي النصح والتعديل والنقد وسأكون سعيدة أيما سعادة بذلك
أترككم مع المقالة
*****
رحلة البحث عن هدف
كنت أسير ذات يوم ، عندما جال بخاطري فجأة فكرة لطالما مر بخيالي أطيافها .. غير أنها كانت مجرد أطياف عابرة لم ترق لتصبح أفكاراً متكاملة ... كانت تلك الفكرة هي أن أجمع بعض خواطري وكتاباتي المتناثرة هنا وهناك في كتيب - فليست بالكثرة ليكون كتاباً - ، ثم بعد أيام ربما أسابيع ، عاودتني نفس الفكرة ولكن هذه المرة بشكل مختلف ، إذ وجدت نفسي أتساءل : لم لا أكتب كتاباً متكاملاً بغض النظر عن خواطري السابقة ؟ ثم إني أعلم من نفسي بفضل الله عزوجل سعة لغوية وأسلوب أدبي متواضع وقدرة معقولة على الكتابة تسمح بمثل هذا الأمر ، وبقليل من التركيز والاهتمام لربما أخرج بعمل مفيد بحق .. ثم كان أن تلا هذا التفكير - منطقياً ! - اختيار موضوع الكتاب ، يجب أن يكون عن .... عن ..... عن ماذا ؟؟؟؟ و.... وكانت الصدمة
أنا لا أعرف لماذا أريد الكتابة ؟!!! حاولت البحث في طيات عقلي وفكري ، لكن وجدتني تائهة حائرة .. لا أدري عن أي شيء أكتب ؟ ولماذا سأكتب ؟ ما هي الرسالة التي أود إيصالها للناس .... ولكن مهلاً .... رسالة !!! لابد وأن لي رسالة وإلا لماذا أحيى ؟؟ ولكن رسالة الإنسان تكون منبثقة من هدفه فهل ... لحظة
هدفه ؟؟!!! وكان أن انقشعت الغمامة فجأة عن عيني .. إني بلا هدف
ووجدت الأسئلة تتلاحق بسرعة رهيبة وتلتهم عقلي ووجداني .. أليس هدفي رضا الله ؟ لكن رضا الله ليس هدفاً .. إنه غاية ؛ وبالتالي فهو بعيد عن أن يكون خطة وطريق يسير فيه المرء وينتظمه في حياته .. بمعنى أنها قيمة وغاية نسعى إليها لكنها تحتاج إلى طريق للوصول إليها ؛ هذا الطريق وضوح معالمه ورؤيته هو الهدف وطريقة السير فيه هي وسائل السير بنجاح من غير حوادث
جميل جميل .. ثم ماذا ؟؟ ثم لا يمكن أن أعيش هكذا ؛ يجب أن أعرف هدفي في الحياة .. ولكن كيف ؟ كيف أعرفه ؟ عند هذه النقطة لم أجد بداً من التفكير بعمق أكثر .. من أنا ؟؟ أنا شيماء ... وإذاً ؟؟ أنا واحدة من بلايين بلايين البشر الذين عاشوا ويعيشون وسيعيشون على ظهر المعمورة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ورغم كونهم بلايين البلايين ؛ إلا أني واحــد .. يعني ليس صفر .. وأنتَ واحد .. وأنتِ واحد .. وهو واحد .. وهي واحد .. والمجموع .. بلايين البلايين .. ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون أيٌ منا صفر .. ولكن هل هذا الواحد مثل ذاك ؟ وهل تلك الواحدة مثل تلك ؟ شيماء .. سارة .. مروة .. محمد .. أحمد .. خالد ..... الخ ، كل واحد له كيانه .. كل واحد يمثل واحداً مستقلاً بذاته ، له بصمته .. يعني أنا خلقني الله عزوجل لأكون فلانة الفلانية ولأقوم في المكان الفلاني بالمهمة الفلانية .. عظيم عظيم .. ولكن هل يعقل أن يكون هناك بلايين البلايين من البصمات المختلفة والأهداف المتباينة ؟؟ لابد أن هناك خطأٌ ما !!!!
استلزم الأمر مني بعض الوقت لأدرك ماهية الموضوع .. وأضع يدي على بداية الطريق .. أخذت أتعمق أكثر وأغوص رويداً في بحور فكري ونفسي .. تساءلت : لم لا يكون هدفي التخطيط ؟؟ لكن التخطيط ليس هدف !!! نعم أنعم الله علي بموهبة الخط الجميل والتخطيط لكنه ليس هدف ؛ إذ سنعود من جديد لنقطة البداية : ماذا سأخطط ؟؟؟؟؟؟ يا ربي .. لقد تعبت
مهلاً مهلاً مهلاً ... ألست طبيبة ( على اعتبار ما سيكون بإذن الله :) ) ؟ إذاً فليكن هدفي أن أكون طبيبة ناجحة ... جميل .. الحمد لله أخيراً توصلــ ... لحظة
هناك ملايين الأطباء الناجحين .. فأين التميز ؟؟؟ وأين هي تلك البصمة المختلفة ؟؟ هنا ... وهنا فقط تجلت لي الحقيقة .. وفهمت الأمر برمته
إن البصمة المختلفة والتميز حقاً هو ذلك المجهود الذي بذلته عن اقتناع بأمر اجتهدت في اختيار الوصول إليه
ولذلك فالبصمة مختلفة .. لكن الهدف واحد ... كما أن البصمات قد تلتقي .. لكن صدورها مني يجعلها بصمتي أنا ، بينما صدورها منك يجعل منها بصمتك وهكذا
فمثلاً .. يجب أن أبذل قصارى جهدي في اختيار الكلية التي أرغب في دراستها والعمل بها فيما بعد -ولاشك كثيرون مثلي سيختارون نفس الكلية - فهذا المقصود بوحدة الهدف .. فإذا ما ارتضيت تلك الكلية هدفاً ؛ فعلي أن أبذل قصارى جهدي فيها لأن هذا الجهد هو بصمتي .. والتي أيضا قد تتلاقى مع بصمة آخر لكن تظل خصوصيتها في أنها صدرت مني أنا بقناعتي أنا بأهميتها .. ولكن ولكن هل يعني ذلك مثلاً أن الامتياز هدفي ( أقصد تجسيم بذل الجهد في صورة نتيجة مادية ملموسة ) كلا البتة .. أبداً .. هدفي هو الوصول لاستفراغ أقصى جهد ممكن بطريقة صحيحة فيما ارتضيته هدفاً موصلني لرضى الله عزوجل
هكذا وجدتني فجأة أملك إجابة لكل تساؤل يدور بخلدي ويضيق به فكري
سأبذل قصارى جهدي في اختيار الزوج الصالح .. فإذا ما اخترته كان هدفي استفراغ كل جهد لإرضائه ؛ ففي ذلك رضى الله (غايتي) سأبذل قصارى جهدي في معرفة وسائل تربية الأبناء وأجتهد كل وسعي في نيل الخبرات في هذا الأمر .. فإذا ما رزقت بأطفال كان هدفي إخراج كل ما لدي في تربيتهم وبذل كل طاقة أملكها ليكونوا كما يرضى الله ؛ فيرضى الله عني (غايتي) .. لن يكون هدفي أن يصبحوا أطباء أو خطباء أو علماء - بالطبع يسعدني ذلك - لكن ليس هدفي لأن هذا شأنهم هم من سيختار الطريق الذي يوصله إلى الله ؛ لكن هدفي أن أعلمهم كيف يختاروا هذا الطريق أو ذاك
سأبذل قصارى جهدي في معرفة ما يحتاجه الناس ليروا طريق الله الحق فيسيروا فيه .. فإذا ما عرفت حاجتهم ؛ فسيكون هدفي أن أستغل كل موهبة حباني الله بها لأوصل لهم ما يحتاجون ( كتابة، شعر، خط، .. ) فيسيروا إن قدر لهم في طريق الله طريق الفلاح .. فيرضى الله عني (غايتي)
سأبذل قصارى جهدي لأعرف مشكلات نفسي التي تعوقني عن السير إلى الله .. فإذا ما تبينتها فسيكون هدفي أن أجاهد نفسي قدر استطاعتي لأتغلب عليها فأعبد الله كما يحب .. فيرضى الله عني (غايتي) آه
وغير ذلك الكثير .. ولكن
ماذا بشأن الكتاب؟؟؟؟ :) سيكون ذلك الكتاب في الوقت الذي تصبح فيه كتابته وسيلة من استفراغ الجهد للوصول إلى هدف ينتهي لمرضاة الله عزوجل ولن أفكر بعد الآن في مواهبي وقدراتي وملكاتي بقدر ما سأركز ماذا أريد ومن ثم كيف أصل لما أريد .. أثق أن كل ما وضعه الله فيَ من ملكات سيخرج إن شاء الله أن يخرج في الوقت الذي يشاء الله أن يخرجه فيه وبالكيفية التي يرضاها الله عزوجل فكما قال عمر بن عبد العزيز:
( إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى )
ودمتم بألف خير