الخميس، 26 يونيو 2008

علمتني الحياة (1) ؟

وقفت وسط حشد غفير من الطلبة والطالبات؛ أجاهد لأتمكن من الوصول للدكتور على منصة الشرح ؛ حيث انتهى لتوه من المحاضرة ووقف لتلقي فيض الأسئلة، وحيث أنه من عادة الأساتذة أن ينصرفوا فور انتهاء الدرس وربما قبلها أحياناً !! فقد كان من الغريب بل العجيب أن يقرر هذا الدكتور اقتطاع الربع ساعة الأخيرة من المحاضرة لتخصيصها لأسئلة الطلاب ؛ ولا عجب إذاً أن انهال الجميع بكل ما لديه .. وكانت المأساة .. طلبة من الأمام .. طلبة من الخلف .. طلبة عن اليمين .. طلبة عن الشمال .. بل وطلبة من فوق ـ دون أدنى مبالغة ـ .. هذا خلاف أوراق الأسئلة التي أخذت تتدفق لتملأ حقيبة الدكتور .. وكنت من البائسين الذين قرروا محاولة الوصول المباشر للدكتور .. وبعد جهدٍ جهيد .. وصراع مرير .. لاحت لي فرجة بين الطلاب .. فولجت مسرعة وانتهزت ثانية الصمت لألقي بسؤالي بصوت مرتفع .. قاطعة الطريق على كل من سولت له نفسه أخذ دوري .. فالتفت ليَ الدكتور وبادرني سائلاً : ما اسمك يا دكتورة ؟ ............ ارتجف قلبي بين ضلوعي .. وبلل العرق وجهي .. وزاغت نظراتي .. وودت لو تنشق الأرض وتبتلعني ..... في النهاية أجبت بصوت مرتعش خفيض لا يكاد يسمع : خلود .. ابتلعت ريقي بصوت مسموع وسط صمت من الواقفين في انتظار سحب الكارنيه وطردي من المحاضرة أو إحداهما ـ كان هذا ما جال في خاطري حينها ـ .. غير أن الدكتور ابتسم وقال : يا خلود سؤالك طويل ويحتاج لشرح مفصل ، ولا أريد ظلم زملائك وعدم سماع أسئلتهم .. فهل من الممكن أن توافيني في مكتبي اليوم بعد صلاة الظهر ، فأشرح لكِ ما تشائين ؟ ... ها !!! لم أصدق ما أسمع .. وظننت لوهلة أني في حلم سأفيق منه في الحال .. ولكني قطعت سيل الأفكار العجيبة وسألت سريعاً : دكتور .. معذرة .. أنا لا أعرف اسم حضرتك !!!!! ... حملق فيَ الدكتور .. وإذا به يبتسم ابتسامة عريضة ، سرعان ما تحولت إلى ضحكة مجلجلة ..: ياااااااااه ... إنه الزهايمر قد فعل فعله في رأسي .. لأول مرة منذ عملت في التدريس أنسى تعريف الطلبة باسمي وموقع مكتبي .. إنه السن ... هكذا هي الحياة ، هيييه .. هل سنأخذ زمننا وزمان غيرنا .. المهم يا أولاد أنا د/ عبد الفتاح حجازي ، مكتبي في الدور الثاني من مبنى الأساتذة بجوار المصلى ..
انسحبت بهدوء وخرجت من المدرج وأنا لا أزال أحدث نفسي .. أحقاً ما حدث في الداخل ؟؟ أم أنه مجرد حلم من أحلام اليقظة كالعادة ؟؟؟ سأرى .. كلها ساعة ويحين موعد صلاة الظهر .. وعندها ................ سنرى

هناك 11 تعليقًا:

N35 يقول...

ليس حلم أبدا..
وجود ثقب في جدار الظلام - حكمة تقتضيها سنة الله..
وامثال هؤلاء بمثابة الأمل الذي يحدونا لنكون مثلهم
عندنا بعضا من هؤلاء المحترمين

تدوينة هادفة..
جزاكم الله خيرا

د/ شيماء يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزانا وإياكم
بالتأكيد هو نموذج موجود لكنه نادر ندرة الياقوت
...
هي سلسلة أحاول أن أرسم فيها معالم أستاذ الجامعة كما تمنيتها مراراً ولم أجدها
وهذا ليس لأني لم أجد أساتذة بهذا الشكل ولكن أيضاً رهبة زرعت بداخلنا تجاه هؤلاء الأساتذة وعدم مبادرة منهم لكسر هذه الرهبة
فخسر كلانا
.....
أشكر لحضرتك مرورك الكريم وأتمنى ألا تكون الأخيرة
...

Fahd يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
د/ شيماء يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
غير معرف يقول...

ايه يا دكتوره الكلام ده

هذا ليس حلما ولكنه حقيقه

الا يعلم هذا الدكتور اه يكلم دكتوره بالتاكيد ممتازه

وكاتبه واديبه فى نفس الوقت

اعتقد انه ان كان يعلم لاجاب عن سؤالك فى حينها

اقترح ان تعطيه عنوان مدونتك

تحياتى لك

The Islamic Spirit يقول...

مبروك يا جميله البلوجايه

ولو إنها جت متأخره

بس حقيقى بإذن الله متفائله بيكى خير

وإن شاء الله تكونى إضافه جميله للتدوين

حلو البوست ويااااااارته مش يكون حلم!!

Radwa يقول...

شيماء
عادى مش تاخدى فى بالك
.....................
انا مش عايزه اعلق على البوست دا قد ما اعلق على البوست اللى قبله
بجد بوست تحفه وكلماته جميله
حسيت انك كتبيه فى دقايق بعد لحظات حساسه مريتى بيها
تحياتى لك
...............
سندريلا

Dr.m يقول...

السلام عليكم
أولا شكرا على المرور عندي وإلا ما كنت عرفت عنوان هذه المونه الرائعه التي أسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك..
بالنسبه للدكتور فربنا يكرمه ويكتر من أمثاله فمثله الآن يعتبر حلم أن تراه حقا ولكنه موجود..
تقبلي تحياتي
سلام

د/ شيماء يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً جميعاً على المرور

صدقاً رفعتوا من معنوياتي

وأتمنى أن أرى تعليقاتكم ونقدكم البناء دائماً ..

....

تنويه .. هذا البوست هو بداية سلسلة وليس بوست منفرد .. فإن شاء الله هيكون على حلقات ليس شرط أن تكون متصلة .. لكن أتمنى من خلالها أن نصل لوضوح في الرؤية كيف نريد أن يكون شكل العلاقة بيننا وبين أساتذتنا ومدى الأثر الإيجابي لهذه العلاقة علينا ..

....

ده كان توضيح لأن أعتقد الناس مفهمتش كده

جزاكم الله خيراً مرة أخرى

غير معرف يقول...

حلوة اوي الفكرة و يغفل عنها الجميع ... علاقة المدرس و الدكتور بالطاب... تشوهت و ضمرت .. ونأمل ان تعيدي بروايتك روح الامل
أختك
م/ هاجر

د/ شيماء يقول...

هاجر

ربنا يكرمك ويباركلك يا بنتي

دايماً رافعة من روحي المعدنية